هي القصص اللي رأيح نزلها هي قصص واقعية 100%من كلفات القضاء رأيح أ نزل قصة كل فترة و فترة ببدأ بالقصة الأولى:
قام من قبره ليبصم على صك التنازل
يلجأ طلاب كلية الطب غالباً إلى شراء الهياكل العظمية أو أجزاء منها من حفاري القبور لتعينهم على متابعة دروسهم التطبيقية، وفي أحيان كثيرة يبالغ حفارو القبور بالأسعار متذرعين أن ما يفعلونه من سرقة جثث الموتى أمر يعاقب عليه القانون، والقاعدة التجارية تقول الربح على قدر المغامرة.
لهذا كان كثير من الطلاب يقومون بهذه المغامرة بأنفسهم في غفلة عن نواطير المقابر.
زياد وبسام زميلا دراسة أرادا الحصول على بعضِ قطع هيكلٍ عظمي لرجل بالغ، فعقدا العزم على المخاطرة والتسلل إلى المقبرة ليلاً للبحث عن مطلبهما. وكي يستطيعا تنفيذ ما عقدا العزم عليه يجب عليهما أولاً اختيار المقبرة، ومن ثم استطلاع المكان نهاراً، والبحث عن قبر قديم ومهجور، تمهيداً للعودة ليلاً وتحقيق غايتهما.
كانت المقبرة التي وقع عليها الاختيار مقبرة (( الدحداح )) في شارع بغداد، فهي الأقرب والأكثر أمناً، وأثناء دخولهما المقبرة وتجوالهما في أرجاءها لَحظ حفار القبور بحكم تجربته وخبرته أنهما يبحثان عن قبر قديم ولما سألهما عما يريدان لم يطُل الحوار بينهم كثيراً فسرعان ما اعترفا له عما يبحثان عنه ودسا بيده بعض المال ليرشدهما فقط إلى ضالّتهما، وأنهما يتكفلان بتنفيذ ما بقي من المهمة، شريطة أن يكون القبر ترابياً متهدماً لا يعانيان من حفره كثيراً. فأرشدهما إلى قبر حديث دفن صاحبه منذ ثلاثة أيام فقط. ولما حاولا إفهامه أنهما لا يريدان جثة إنما هيكلاً عظمياً قديماً، ابتسم (( حفار القبور)) وأجابهما: ستجدان تحت الجثة هيكلاً عظمياً قديماً سبق وشاهدته بنفسي.
ونصحهما أن يعيدا الجثة إلى مكانها بعد أخذ العظام و إعادة حالة القبر إلى حاله السابقة لأن ذوي الميت لا زالوا يترددون لزيارة ضريحه ويجب ألا يلحظوا شيئاً ووعدهما (( الناطور )) أن يغيب عن المقبرة في تلك الليلة من مبدأ (( لا عين رأت ولا أذن سمعت((
في تلك الليلة لم يغمض لزياد وبسام جفن وهما في حالة من التوتر العصبي الشديد خوفاً من كل الاحتمالات في انتظار انتصاف الليل لإنجاز ما عزما عليه وقد استحضروا معولاً ومجرفة لتنفيذ المهمة وزيادة في الحيطة والحذر اعتمر كل منهما كوفية غطى بها رأسه ووجهه.
مفاجأة غير منتظرة
قال زياد لرفيقه بسام ممازحاً، وهما في طريقهما إلى القبر المنشود بعد أن تسللا للمقبرة حسب الاتفاق (( انظر إلى مكان الشقق في هذه الأبنية فالواحد منهم إذا مات لن يبتعد كثيراً، وأهله وذووه لن يتحملوا مشقة زيارة ضريحه، فبإمكانهم أن يقرؤوا له الفاتحة وهم يقفون في البلكون))... كان من الممكن أن يضحك بسام لهذه المفارقة لولا أن وقعت عيناه على ما أذهله، لقد رأى شيئاً لم يخطر في البال، فتبسمر في مكانه هلعاً وسأل زياد همساً إن كان يرى ما يراه فتطلع الاثنان وجحظت عينا كل منهما للمشهد.. يا إلهي .. هل هذا هو القبر المتجهين إليه!!؟..
اقتربا قليلاً وتلفت كل منهما حوله للتأكد من صحة الموقع وأمعنا النظر وتأكَّد لهما أنّهما غير مخطئين.. لقد وجدا جثة ملفوفة بالكفن الأبيض وممددة على جانب القبر ولا تزال رائحة الكافور تفوح منها..
أول ما تبادر إلى ذهن زياد وبسام أن يكون (( حفار القبور)) نفسه سبقهما إلى استخراج عظام الهيكل العظمي الذي حدثهما عنه والمدفون تحت هذه الجثة ليبيعه لهما بالسعر الذي يريده.. ولكن هذا الظن تلاشى حين اقتربا من حافة القبر ووجدا على ضوء المصباح اليدوي أن الهيكل العظمي لا يزال في مكانه ولو أنه مبعثر قليلاً..
ولكن من أخرج الجثة ولا تزال في الكفن، ولماذا تركها ملقاة في العراء؟... لابد أنهم لصوص جاءوا يبحثون عما بقي من أسنان ملبسة بالذهب.
وقرر زياد وبسام أن يتركا الجثة في مكانها وينزل أحدهما إلى قاع القبر ويلملم قطع الهيكل العظمي على ضوء المصباح اليدوي.. ويغادران المقبرة بأسرع ما يمكن.
في قبضة الشرطة
على الطرف الآخر، وفي الطابق الرابع في بناء يطل على المقبرة من الجهة الشمالية، نهضت صاحبة الدار الحاجة فوزية بعد أن استبد بها الأرق وتوضّأت وأرادت أن تؤدي صلاة (( التهجد )) ولكنها لمحت من وراء زجاج النافذة ضوءاً ينبعث من أحد القبور، فأمعنت النظر لترى جثة ميتٍ لا تزال في الكفن وقد قام من قبره واستند على شاهدة قريبة، فأطلقت صرخت رعب أيقظت كل من في الدار الذين ما أن رأوا المشهد حتى بادر أحدهم للاتصال بالشرطة.
تلقَّت الشرطة الخبر بكثير من التحفظ واللامبالاة ومع ذلك استجابت للنداء، وأمرت بعض الدوريات بالتوجه فوراً إلى مقبرة الدحداح واستطلاع الأمر.
في المقبرة سمع زياد وبسام صوت (( زمور )) سيارة الشرطة يلعلع من بعيد ولم يخطر ببالهما أنها متجهة إلى المقبرة، وعندما شعرا باقتراب رجال الشرطة حاولا الاختباء في حفرة القبر، ولم يكن من الصعب اعتقال الشرطة لهما وسوقهما مكبلين بالأصفاد بتهمة عدة جرائم أولها هتك حرمة الموتى وآخرها سرقة الأكفان.
في قسم الشرطة لم يكن بمقدور زياد وبسام أن ينفيا عن نفسيهما التهمة فسرقة الأكفان أهون بكثير من سرقة الموتى نفسها.
دليل سياحي
سرت بين الناس حكاية جثة الرجل التي قامت من القبر وجلست إلى جانبه وانتشرت كالنار في الهشيم ..وبدءوا يتناقلوها كلٌ حسب تصوره ومخيلته..حتى أن البعض قال إن الميت مزق الكفن وخرج من المقبرة مهرولاًعلى مرأى الشرطة التي جاءت لإعادته إلى قبره.
آخرون قالوا إن الميت لم يكن قد مات بعد وأن أهله استعجلوا دفنه ثم رُدّت إليه الروح وهو في القبر.
حَكايا من كل حدب وصوب وعلى كل شفةٍ ولسان ، وبدأت الناس تتقاطر إلى مقبرة الدحداح لتشاهد القبر الذي نهض منه الميت.
والملفت للنظر أن ((حفار القبور )) نفسه الذي غاب عن المقبرة تلك الليلة كان يصحب الزائرين كأي دليل سياحي ويشرح لهم تفاصيل المعجزة ولكن بمخيَّلة لا حدود لها..
كان لابد لزياد وبسام من محامي يدافع عنهما ، والمحامي نفسه وقع في حيرة من أمره فإن نصحهما بالاعتراف فالجريمة هي الشروع التام في سرقة جثث الموتى وإن نصحهما بالإنكار فلن يصدقهما أحد ، لقد ضبطا في حالة التلبس والجرم المشهود ، فكان لابد له من أن يتوصل إلى سر وجود الجثة على حافة القبر ومن الذي أخرجها من مكانها، ومن ثم من هو الذي له مصلحة في فعل ذلك .
كان عليه أن يبدأ من عند حفار القبور ويسأله وبطريقته الخاصة عن تفاصيل ما جرى في تلك الليلة. وأخبره أنه إن لم يقل الحقيقة سيعتبره شريكاً وسيتقدم بالإدعاء ضده والعاقبة ستكون وخيمة.
بدأ (( حفار القبور )) يغير ويبدل من أقواله زيادة ونقصاناً وبدت حكايته متناقضة ومثيرة للشك، تارة يقول أنه غادر المقبرة وقت أذان المغرب وتارة أخرى بعد العشاء وإثبات براءته كان همه الأول والأخير وأنه كان بعيداً عما جرى، وبدأ يسترسل بالكلام إلى أن جاء على ذكر أهل المتوفى حين قال أنهم حضروا لزيارة القبر في ذاك النهار ولا يعرف أكثر من ذلك..
عائلتان لا عائلة
فكر المحامي بزيارة منزل أهل المتوفي ليسألهم إذا كانت لديهم أية تفاصيل تلقي الضوء على هذه الحادثة الغريبة، وحين سأل المحامي عن منزل المتوفي فوجئ أن له بيتين وزوجتين وأولاد من كل منهما، واحتار أي المنزلين يزور أولاً، وقرر زيارة منزل الزوجة الأولى وهناك وجد أولاد المتوفي رجالاً كباراً ولم يحسنوا استقباله واعتبروا زيارته لهم استفزاز لمشاعرهم.
وخرج المحامي من منزلهم بخفي حنين، وفي منزل الزوجة الثانية وجد الأمر يختلف فاستقبلوه وقبلوا منه تعازيه، وقدّموا له واجب الضيافة وراحوا يمطرونه بوابل من الأسئلة القانونية، ولاسيما ما يتعلق منها بتوزيع التركة ومن خلال الحديث تبين للمحامي أن هناك خلافاً حاداً بين الأسرتين حتى أنهم عاتبون على إخوتهم من الزوجة الأخرى حين أسرعوا وأعادوا دفن جثة أبيهم وقبل أن ينتهي التحقيق ودون أن يخبروهم بما جرى.
في ضوء ذلك وجد المحامي نفسه أمام عدة حقائق أولها الخلاف الحاد بين الأسرتين حول توزيع التركة، ثانياً ذلك التباين في استقباله لدى كل من الأسرتين وما ترك هذا الاستقبال من انطباعات لديه ، وأخيراً إسراع أولاد إحدى الأسرتين دون علم الأخرى إلى إعادة دفن الجثة ودون إذن من النيابة بزعم أنه لا يجوز بقاء الميت في العراء.
اللغز والحل
وصل المحامي إلى قناعة بأن هناك من سبق موكليه زياد وبسام إلى المقبرة بقليل وقام بإخراج الجثة لغرض ما ولمّا شعر بدخول زياد وبسام إلى المقبرة ترك الجثة مكانها وهرب وحل اللغز يتطلب معرفة الغرض الذي من أجله نبش القبر وأخرجت الجثة، وهل تحقق الغرض أم لا؟. كان مفتاح الحل يكمن في التركة التي اختلف عليها الورثة، ولكن كيف؟.
قام المحامي بزيارة لمنزل الزوجة الثانية ورحب به أفراد الأسرة بما فيهم زوجة المتوفي ووجدوا في زيارته كمحامي ما يعينهم على فهم الكثير من التساؤلات، وكان يجيب على أسئلتهم بكل طيبة خاطر إلى أن سمع منهم السؤال المنتظر: (( هل تستطيع زوجته الأولى وأولادها أن يحرمونا من التركة؟.أو شيئاً منها ياأستاذ ))؟. فأجاب المحامي بالنفي لكنه أضاف: (( إلا إذا كان المرحوم كتب لهم إسناداً أو تنازل لهم خطياً عن شيء من التركة((
هنا بدأت الصورة تتضح معالمها للمحامي أكثر فأكثر.. فحزم أمره وقرر زيارة رئيس النيابة، حيث أسر إليه بظنونه في أن من نبش القبر أخرج جثة الميت هم أولاده من الزوجة الأولى لطبع بصمته على أوراق بيضاء يملئونها فيما بعد لتكون سنداً وحجة على مايدعونه.
استمع رئيس النيابة إلى حكاية المحامي من أولها إلى آخرها دون أن يقاطعه بحرف ولما توقف قال له: (( حكايتك أشبه ما تكون بفيلم سينمائي، جميلة ولكنها غير واقعية، على الرغم من ذلك تقدم إليّ بطلب خطي لفتح القبر وفحص الجثة ثانيةً))
لما كشف الطبيب الشرعي الكفن عن الجثة وأمسك براحة كف المتوفي لم يكن صعباً أبداً أن يرى الجميع آثار الحبر المتبقي على بصمة الإبهام الأيسر
قام من قبره ليبصم على صك التنازل
يلجأ طلاب كلية الطب غالباً إلى شراء الهياكل العظمية أو أجزاء منها من حفاري القبور لتعينهم على متابعة دروسهم التطبيقية، وفي أحيان كثيرة يبالغ حفارو القبور بالأسعار متذرعين أن ما يفعلونه من سرقة جثث الموتى أمر يعاقب عليه القانون، والقاعدة التجارية تقول الربح على قدر المغامرة.
لهذا كان كثير من الطلاب يقومون بهذه المغامرة بأنفسهم في غفلة عن نواطير المقابر.
زياد وبسام زميلا دراسة أرادا الحصول على بعضِ قطع هيكلٍ عظمي لرجل بالغ، فعقدا العزم على المخاطرة والتسلل إلى المقبرة ليلاً للبحث عن مطلبهما. وكي يستطيعا تنفيذ ما عقدا العزم عليه يجب عليهما أولاً اختيار المقبرة، ومن ثم استطلاع المكان نهاراً، والبحث عن قبر قديم ومهجور، تمهيداً للعودة ليلاً وتحقيق غايتهما.
كانت المقبرة التي وقع عليها الاختيار مقبرة (( الدحداح )) في شارع بغداد، فهي الأقرب والأكثر أمناً، وأثناء دخولهما المقبرة وتجوالهما في أرجاءها لَحظ حفار القبور بحكم تجربته وخبرته أنهما يبحثان عن قبر قديم ولما سألهما عما يريدان لم يطُل الحوار بينهم كثيراً فسرعان ما اعترفا له عما يبحثان عنه ودسا بيده بعض المال ليرشدهما فقط إلى ضالّتهما، وأنهما يتكفلان بتنفيذ ما بقي من المهمة، شريطة أن يكون القبر ترابياً متهدماً لا يعانيان من حفره كثيراً. فأرشدهما إلى قبر حديث دفن صاحبه منذ ثلاثة أيام فقط. ولما حاولا إفهامه أنهما لا يريدان جثة إنما هيكلاً عظمياً قديماً، ابتسم (( حفار القبور)) وأجابهما: ستجدان تحت الجثة هيكلاً عظمياً قديماً سبق وشاهدته بنفسي.
ونصحهما أن يعيدا الجثة إلى مكانها بعد أخذ العظام و إعادة حالة القبر إلى حاله السابقة لأن ذوي الميت لا زالوا يترددون لزيارة ضريحه ويجب ألا يلحظوا شيئاً ووعدهما (( الناطور )) أن يغيب عن المقبرة في تلك الليلة من مبدأ (( لا عين رأت ولا أذن سمعت((
في تلك الليلة لم يغمض لزياد وبسام جفن وهما في حالة من التوتر العصبي الشديد خوفاً من كل الاحتمالات في انتظار انتصاف الليل لإنجاز ما عزما عليه وقد استحضروا معولاً ومجرفة لتنفيذ المهمة وزيادة في الحيطة والحذر اعتمر كل منهما كوفية غطى بها رأسه ووجهه.
مفاجأة غير منتظرة
قال زياد لرفيقه بسام ممازحاً، وهما في طريقهما إلى القبر المنشود بعد أن تسللا للمقبرة حسب الاتفاق (( انظر إلى مكان الشقق في هذه الأبنية فالواحد منهم إذا مات لن يبتعد كثيراً، وأهله وذووه لن يتحملوا مشقة زيارة ضريحه، فبإمكانهم أن يقرؤوا له الفاتحة وهم يقفون في البلكون))... كان من الممكن أن يضحك بسام لهذه المفارقة لولا أن وقعت عيناه على ما أذهله، لقد رأى شيئاً لم يخطر في البال، فتبسمر في مكانه هلعاً وسأل زياد همساً إن كان يرى ما يراه فتطلع الاثنان وجحظت عينا كل منهما للمشهد.. يا إلهي .. هل هذا هو القبر المتجهين إليه!!؟..
اقتربا قليلاً وتلفت كل منهما حوله للتأكد من صحة الموقع وأمعنا النظر وتأكَّد لهما أنّهما غير مخطئين.. لقد وجدا جثة ملفوفة بالكفن الأبيض وممددة على جانب القبر ولا تزال رائحة الكافور تفوح منها..
أول ما تبادر إلى ذهن زياد وبسام أن يكون (( حفار القبور)) نفسه سبقهما إلى استخراج عظام الهيكل العظمي الذي حدثهما عنه والمدفون تحت هذه الجثة ليبيعه لهما بالسعر الذي يريده.. ولكن هذا الظن تلاشى حين اقتربا من حافة القبر ووجدا على ضوء المصباح اليدوي أن الهيكل العظمي لا يزال في مكانه ولو أنه مبعثر قليلاً..
ولكن من أخرج الجثة ولا تزال في الكفن، ولماذا تركها ملقاة في العراء؟... لابد أنهم لصوص جاءوا يبحثون عما بقي من أسنان ملبسة بالذهب.
وقرر زياد وبسام أن يتركا الجثة في مكانها وينزل أحدهما إلى قاع القبر ويلملم قطع الهيكل العظمي على ضوء المصباح اليدوي.. ويغادران المقبرة بأسرع ما يمكن.
في قبضة الشرطة
على الطرف الآخر، وفي الطابق الرابع في بناء يطل على المقبرة من الجهة الشمالية، نهضت صاحبة الدار الحاجة فوزية بعد أن استبد بها الأرق وتوضّأت وأرادت أن تؤدي صلاة (( التهجد )) ولكنها لمحت من وراء زجاج النافذة ضوءاً ينبعث من أحد القبور، فأمعنت النظر لترى جثة ميتٍ لا تزال في الكفن وقد قام من قبره واستند على شاهدة قريبة، فأطلقت صرخت رعب أيقظت كل من في الدار الذين ما أن رأوا المشهد حتى بادر أحدهم للاتصال بالشرطة.
تلقَّت الشرطة الخبر بكثير من التحفظ واللامبالاة ومع ذلك استجابت للنداء، وأمرت بعض الدوريات بالتوجه فوراً إلى مقبرة الدحداح واستطلاع الأمر.
في المقبرة سمع زياد وبسام صوت (( زمور )) سيارة الشرطة يلعلع من بعيد ولم يخطر ببالهما أنها متجهة إلى المقبرة، وعندما شعرا باقتراب رجال الشرطة حاولا الاختباء في حفرة القبر، ولم يكن من الصعب اعتقال الشرطة لهما وسوقهما مكبلين بالأصفاد بتهمة عدة جرائم أولها هتك حرمة الموتى وآخرها سرقة الأكفان.
في قسم الشرطة لم يكن بمقدور زياد وبسام أن ينفيا عن نفسيهما التهمة فسرقة الأكفان أهون بكثير من سرقة الموتى نفسها.
دليل سياحي
سرت بين الناس حكاية جثة الرجل التي قامت من القبر وجلست إلى جانبه وانتشرت كالنار في الهشيم ..وبدءوا يتناقلوها كلٌ حسب تصوره ومخيلته..حتى أن البعض قال إن الميت مزق الكفن وخرج من المقبرة مهرولاًعلى مرأى الشرطة التي جاءت لإعادته إلى قبره.
آخرون قالوا إن الميت لم يكن قد مات بعد وأن أهله استعجلوا دفنه ثم رُدّت إليه الروح وهو في القبر.
حَكايا من كل حدب وصوب وعلى كل شفةٍ ولسان ، وبدأت الناس تتقاطر إلى مقبرة الدحداح لتشاهد القبر الذي نهض منه الميت.
والملفت للنظر أن ((حفار القبور )) نفسه الذي غاب عن المقبرة تلك الليلة كان يصحب الزائرين كأي دليل سياحي ويشرح لهم تفاصيل المعجزة ولكن بمخيَّلة لا حدود لها..
كان لابد لزياد وبسام من محامي يدافع عنهما ، والمحامي نفسه وقع في حيرة من أمره فإن نصحهما بالاعتراف فالجريمة هي الشروع التام في سرقة جثث الموتى وإن نصحهما بالإنكار فلن يصدقهما أحد ، لقد ضبطا في حالة التلبس والجرم المشهود ، فكان لابد له من أن يتوصل إلى سر وجود الجثة على حافة القبر ومن الذي أخرجها من مكانها، ومن ثم من هو الذي له مصلحة في فعل ذلك .
كان عليه أن يبدأ من عند حفار القبور ويسأله وبطريقته الخاصة عن تفاصيل ما جرى في تلك الليلة. وأخبره أنه إن لم يقل الحقيقة سيعتبره شريكاً وسيتقدم بالإدعاء ضده والعاقبة ستكون وخيمة.
بدأ (( حفار القبور )) يغير ويبدل من أقواله زيادة ونقصاناً وبدت حكايته متناقضة ومثيرة للشك، تارة يقول أنه غادر المقبرة وقت أذان المغرب وتارة أخرى بعد العشاء وإثبات براءته كان همه الأول والأخير وأنه كان بعيداً عما جرى، وبدأ يسترسل بالكلام إلى أن جاء على ذكر أهل المتوفى حين قال أنهم حضروا لزيارة القبر في ذاك النهار ولا يعرف أكثر من ذلك..
عائلتان لا عائلة
فكر المحامي بزيارة منزل أهل المتوفي ليسألهم إذا كانت لديهم أية تفاصيل تلقي الضوء على هذه الحادثة الغريبة، وحين سأل المحامي عن منزل المتوفي فوجئ أن له بيتين وزوجتين وأولاد من كل منهما، واحتار أي المنزلين يزور أولاً، وقرر زيارة منزل الزوجة الأولى وهناك وجد أولاد المتوفي رجالاً كباراً ولم يحسنوا استقباله واعتبروا زيارته لهم استفزاز لمشاعرهم.
وخرج المحامي من منزلهم بخفي حنين، وفي منزل الزوجة الثانية وجد الأمر يختلف فاستقبلوه وقبلوا منه تعازيه، وقدّموا له واجب الضيافة وراحوا يمطرونه بوابل من الأسئلة القانونية، ولاسيما ما يتعلق منها بتوزيع التركة ومن خلال الحديث تبين للمحامي أن هناك خلافاً حاداً بين الأسرتين حتى أنهم عاتبون على إخوتهم من الزوجة الأخرى حين أسرعوا وأعادوا دفن جثة أبيهم وقبل أن ينتهي التحقيق ودون أن يخبروهم بما جرى.
في ضوء ذلك وجد المحامي نفسه أمام عدة حقائق أولها الخلاف الحاد بين الأسرتين حول توزيع التركة، ثانياً ذلك التباين في استقباله لدى كل من الأسرتين وما ترك هذا الاستقبال من انطباعات لديه ، وأخيراً إسراع أولاد إحدى الأسرتين دون علم الأخرى إلى إعادة دفن الجثة ودون إذن من النيابة بزعم أنه لا يجوز بقاء الميت في العراء.
اللغز والحل
وصل المحامي إلى قناعة بأن هناك من سبق موكليه زياد وبسام إلى المقبرة بقليل وقام بإخراج الجثة لغرض ما ولمّا شعر بدخول زياد وبسام إلى المقبرة ترك الجثة مكانها وهرب وحل اللغز يتطلب معرفة الغرض الذي من أجله نبش القبر وأخرجت الجثة، وهل تحقق الغرض أم لا؟. كان مفتاح الحل يكمن في التركة التي اختلف عليها الورثة، ولكن كيف؟.
قام المحامي بزيارة لمنزل الزوجة الثانية ورحب به أفراد الأسرة بما فيهم زوجة المتوفي ووجدوا في زيارته كمحامي ما يعينهم على فهم الكثير من التساؤلات، وكان يجيب على أسئلتهم بكل طيبة خاطر إلى أن سمع منهم السؤال المنتظر: (( هل تستطيع زوجته الأولى وأولادها أن يحرمونا من التركة؟.أو شيئاً منها ياأستاذ ))؟. فأجاب المحامي بالنفي لكنه أضاف: (( إلا إذا كان المرحوم كتب لهم إسناداً أو تنازل لهم خطياً عن شيء من التركة((
هنا بدأت الصورة تتضح معالمها للمحامي أكثر فأكثر.. فحزم أمره وقرر زيارة رئيس النيابة، حيث أسر إليه بظنونه في أن من نبش القبر أخرج جثة الميت هم أولاده من الزوجة الأولى لطبع بصمته على أوراق بيضاء يملئونها فيما بعد لتكون سنداً وحجة على مايدعونه.
استمع رئيس النيابة إلى حكاية المحامي من أولها إلى آخرها دون أن يقاطعه بحرف ولما توقف قال له: (( حكايتك أشبه ما تكون بفيلم سينمائي، جميلة ولكنها غير واقعية، على الرغم من ذلك تقدم إليّ بطلب خطي لفتح القبر وفحص الجثة ثانيةً))
لما كشف الطبيب الشرعي الكفن عن الجثة وأمسك براحة كف المتوفي لم يكن صعباً أبداً أن يرى الجميع آثار الحبر المتبقي على بصمة الإبهام الأيسر
عدل سابقا من قبل محمود صالح في الجمعة يناير 27, 2012 1:23 pm عدل 1 مرات
الأحد أكتوبر 18, 2015 9:52 pm من طرف حنان
» هل تعرفون عدنان مندريس ، ولماذا لم يذكره التاريخ المزور .. وحقيقة قتله إلا ﻷنه أعاد تركيا إلى اﻻسلام يرحم الله عدنان مندريس ،،،
الثلاثاء يونيو 23, 2015 2:18 am من طرف حنان
» هل تعلم من هو الذى قام بعمل دور " لوسى " فى فيلم اشعة حب ؟؟ مفاجأة وتفاصيل مثيرة !!
الأربعاء فبراير 11, 2015 12:38 pm من طرف حنان
» 10 تطبيقات بمظهر البريئة تتجسس على بياناتك
الجمعة يناير 16, 2015 2:37 am من طرف فارس الرومانسيه
» آلام الأكتاف و المفاصل و كيفية علاجها
الأربعاء يناير 14, 2015 7:16 am من طرف حنان
» بالصور.. سعودي يقتني أغلى سيارة بالعالم مغلفة بالألماس.. وألف دولار لمن يلمسها فقط
الخميس ديسمبر 25, 2014 3:05 am من طرف حنان
» منتدى منابت الورد http://breeze.yoo7.com/forum
السبت أكتوبر 25, 2014 1:42 pm من طرف حنان
» منتدى حب إلى الآبد http://hearts5fossilized.alamontada.com/
السبت أكتوبر 25, 2014 1:38 pm من طرف حنان
» المجد لنا يا ليبيا ....للكاتب محمود صالح حدود الحمروني
الخميس أكتوبر 23, 2014 1:09 am من طرف سبتموس